السيدة فاطمة الزهراء (ع)
هي فاطمة بنت محمد (ص) بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشية.
أبوها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخاتم الأنبياء والمرسلين ووالدتها
خديجة (رض) بنت خويلد بن أسد القرشية ، ولقبها الزهراء والبتول ،
والصديقة والمباركة والطاهرة والراضية والمرضية وكنيتها أم الحسن وأم
الحسين ، وكان يطلق عليها أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أم أبيها
لأنها عاشت مع والدها الرسول (ص) بعد موت والدتها تراعي أمره وتشد
من أزره ، وزوجها هو أميرالمؤمنين وفارس الإسلام علي بن أبي طالب
القرشي الهاشمي (ع) ، وابناها هما الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة
رضوان الله عليهم أجمعين .
ولدت السيدة فاطمة (ع) في مكة المكرمة قبل البعثة النبوية بخمس سنوات ،
وكانتأصغر أخواتها بعد زينب ورقية وأم كلثوم ، ولما بلغت الخامسة من
عمرها بُعث والدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتفتحت عيناها
على الإسلام، وشاهدت بداياته الأولى وانتشاره بين قومها رويداً رويداً ،
وكانت تتبع أباها أحياناً وهو يسعى إلى أندية قريش ومحافلها يبشر بالإسلام
ويدعو له وترى ما يلقاه من ظلمهم وأذاهم الشيء الكثير. وشهدت مع أسرتها
من بني هاشم الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شعب أبي طالب ودام
ثلاث سنين ولحقها فيه معهم من التعب والمشقة ما أثر على نفسيتها وطاقتها
في مستقبل الأيام، كذلك كان لموت والدتها السيدة خديجة (رض) وقع بالغ
عليها ، وكان عمرها لا يتجاوز الخامسة عشرة ، فاشتدت المصائب عليها
وبلغت ذروتها ، الأمر الذي صقلها وزادها نضجاً وتجربة ، نشأت السيدة
فاطمة (ع) وتربت في بيت النبوة ، فتشرّبت من جوّه الروحاني وعبقه
الإيماني ما جعلها تتحلى بالأخلاق الحميدة الفاضلة والعادات الطيبة الحسنة ،
وشهدت بعد وفاة والدتها (رض) ، زواج والدها الرسول (ص) من السيدة
سودة بنت زمعة ، التي احتضنتها مع أخواتها بكل حب وحنان ، ولما بلغت
الثامنة عشر من عمرها ، هاجرت مع أختها أم كلثوم والسيدة سودة إلى
المدينة المنورة ، وهناك استقر بها المقام في بيت النبوة الجديد ، بجوار
المسجد النبوي الشريف ، وفي أواخر السنة الثانية للهجرة ، وكان قد خطبها
أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب ، ولكن رسول الله (ص) قال لهما :
انتظر القضاء .
ثم خطبها ابن عمها علي بن أبي طالب (ع) ، فتهلل له وجه النبي صلى الله
عليه وآله وسلم ووافق على زواجهما ، وكان مهرها أربعمائة وثمانين درهماً ،
فأوصى النبي (ص) علياً (ع) أن يجعل ثلثيهما في الطيب وثلثهما في المتاع ، وجهزها والدها (ص) وزوجها بجهاز متواضع فيه من الأثاث : فراش ووسائد
حشوها ليف ، وجلد شاة للجلوس عليه ، ورحى يد ، ومنخلاً ، ومنشفة ، وقدحاً ، وقربة صغيرة لتبريد الماء وحصيراً ، وقد اتخذت لها في بيتها محراباً لصلاتها
وتهجدها ، وعاشت (ع) في بيتها الجديد حياة بسيطة متواضعة ، ليس لها خادم
يخدمها ، وتعمل بيديها كافة شؤون بيتها ، فتطحن وتعجن ، وتخدم بيتها وزوجها ، وتهتم بتربية أولادها وتنشئتهم ، وظلت السيدة فاطمة الزوجة الوحيدة لعلي بن أبي طالب (ع) طيلة حياتها ولم يتزوج عليها زوجة أخرى ، وولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب ومحسن .
وقد ورد في فضلها عدّة أحاديث نبوية شريفة ، منها قول النبي (ص): (خير نساء العالمين أربع : مريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة وفاطمة) ،
وعن عائشة أنها قالت: أن رسول الله (ص) أخبر فاطمة (ع) أنها سيدة نساء
العالمين ، وعنها أيضاً أنها قالت: ما رأيت أحداً أفضل من فاطمة غير أبيها ، وفي صحيح مسلم أن النبي (ص) قال:
(فاطمة بضعة مني) وكانت (ع) أشبه الناس بأبيها (ص) والذي كان إذا رجع من سفرٍ أو غزاة بدأ بالمسجد فصلّى فيه ، ثم أتى بيت فاطمة (ع) فسلّم عليها، ثم يأتي أزواجه ، وللسيدة فاطمة (ع) ذكر في كتب الحديث ، فقد روت عن النبي (ص) ثمانية عشر حديثاً ، وروى لها الترمذي وابن ماجه وأبو داود ، وروى عنها زوجها علي وابناها الحسن والحسين وعائشة وآخرون .
لما توفي النبي (ص) اشتد عليها الحزن وعظمت المصيبة وأخذت تقول:
(ياأبتاه ، أجاب رباً دعاه ، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى
جبريل ننعاه) ، ووقفت يوماً على قبر النبي (ص) وأخذت قبضة من تراب
القبرفوضعتها على عينيها وبكت وأنشأت تقول:
ماذا على من شمّ تربة أحمد --- أن لا يشّم مدى الزمان غواليا
صُبّت عليّ مصائب لو أنها --- صُبّت على الأيام صرن لياليا
ولم تعمر السيدة فاطمة بعد وفاة والدها (ص) طويلاً ، حيث عاشت بعد
وفاة النبي (ص) ستة أشهر .
الخميس 14 نوفمبر 2024, 11:23
