لقد كان حجاب المرأة موجودا في الأمم السابقة على الإسلام وعند العرب في الجاهلية، وفي اليهودية والمسيحية وهو في الإسلام مِن المسلَّمات التي لا تقبل الجدل في شأنها ولا النِّقاش حولها، والأدلة عليه من القرآن الكريم والسنة النبوية أكثر مِن أن تُحصى أو تُستقصى وأشهر من أن تُذكر.
والحجاب ليس مضايقة للمرأة ولا تقييدا لحريتها في المجتمع كما يدَّعى بعض المغرضين، وإنما هو تكريم لها وصون لكرامتها وسياج من العزة والإباء، يرد عنها أذى الفساق ويبعد عنها أهل الأهواء.
إلا أنه كثر الكلام في شأنه والنقاش مِن حوله في الآونة الأخيرة بسبب هؤلاء العلمانيين المفتونين بالغرب المبهورين بحضارته، الذين يشكِّكون في فرضية حجاب المرأة المسلمة أو يدعون زورا وبهتانا: أن حجاب المرأة المسلمة لا يتفق مع العصر الحديث، ولاشك أن حججهم التي يحتجون بها حُجج واهية لا تقوم على قدم ولاساق.
فمثلا يقولون: إن حجاب المرأة المسلمة يمنعها مِن التعلُّم في الجامعات والحصول على أعلى الدرجات، وكأن العلم ليس إلا في الصدور العارية أو السيقان المكشوفة، وكأن الشهادات لا تُمنح إلا لمن تُسفر عن جمالها وتُظهر مفاتنها!
ويقولون: إن الحجاب يمنعها مِن التقدُّم والرُّقي كمثيلاتها وأترابها في الأمم المتقدمة كأوروبا:
فهل كان تبرج المرأة في أوروبا وسفورها هو السبب في رقيها وتقدمها؟ أم أن التقدم والرقي له أسبابه التي لا تتعلق بالرجل ولا بالمرأة، وهل حجاب المرأة في المجتمع الإسلامي يقيد حركتها في الحياة؟ أو هو حجاب لعقلها عن التفكير والابتكار حتى يمنعها مِن التقدم والازدهار؟ وهل التمدُّن هو في السفور والعُري؟ كلا والله، ورحم الله القائل:
ليس التمدن أن تُرى رُوح الحيا --- بين الخلاعة كل يوم تزهق
والبنت يدفعها براحته الهوى --- فتروح تهوى من تشاء وتعشق
ويقولون: إن العبرة بطهارة القلب ونقاء الصدر ومادامت المرأة تحمل قلبا مخلصا وتحيا في أدب وخلق بين الناس فليس الحجاب مهما فهو شكل ظاهري! وإذا كان ما يقولونه صحيحا فلم أمر الله زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم– بالحجاب وهن أطهر نساء العالمين وقد نزل الوحي في بيوتهن قال تعالى: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن» (الأحزاب آية 59)
كما يقولون: إن السُّفور والعُري إنما هو مِن قبيل الحرية الشخصية، فإذا كان السفور والعُري مِن قبيل الحرية الشخصية كما يقولون فلماذا هذه الهَجمة الشَّرسة على الحجاب، لِمَ لمْ يجعلوه هو الآخر مِن قبيل الحرية الشخصية؟
كما يقولون: إن حجاب المرأة يمنعها من الزواج لأنه على البنت أن تظهر جمالها ومفاتنها حتى يقدم الشاب لخطبتها! وليس الأمر كما يظنون فكم من فتاة تخلت عن الحجاب وسعت لاهثة وراء الشباب بإظهار جمالها ومفاتنها، وما تَقَدَّم لها شاب لخطبتها وعلى النقيض من ذلك كم من فتاة تحلت بالحجاب وتزينت بالحِشمة والوقار فتزوجت وهى مازالت في ريعان الشباب ومُقتبل العمر!
الخميس 14 نوفمبر 2024, 11:23
