معركة القطار

معركة القطار
كانت الأسباب الرئيسة التي أسهمت في اتساع المقاومة الشعبية العراقية وتطورها في ربيع 1920م هي مراوغة الإنكليز ومماطلتهم في تنفيذ الوعود والتعهدات التي أطلقوها غداة احتلالهم العراق سنة 1917 ، وكان واضحا أن الإنكليز لايريدون الإستجابة لمطالب الشعب العراقي في الحرية والإستقلال ، وأنهم يحاولون فرض سلطتهم السياسية والعسكرية على العراق ، وكذلك نقمة عشائر الفرات الأوسط جراء سياسة القمع والإرهاب التي مارسها الحكام السياسيون ضدهم ، وكذلك دور العلماء في تحريض الأهالي، وخلق حالة من العداء الشديد ضد الإنكليز.
بعد الإنتصارات التي حققتها العشائر في منطقتي عفك والدغارة ضد القوات الإنكليزية ، أبرق قائد القوات الإنكليزية في العراق الجنرال "هالدين" إلى قائد حامية الديوانية الجنرال "ديلي"، يأمره بالإنسحاب إلى مدينة الحلة بواسطة القطار، وقد جمع الإنكليز قواتهم وما لديهم من سلاح وطعام في قطار واحد ، بلغ طوله ميلاً ، وتحرك القطار من محطة الديوانية في الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 30 تموز من عام 1920 ، وما أن وصل الخبر للثوار حتى جمعوا قواتهم وهجموا على القطار ، فتوقف القطار عن متابعة سيره .


وفي الليل تجمع الثوار واتفقوا على قلع السكة الحديدية ، وبالفعل قلعت السكة من محطة الجدول حتى محطة قوجان، وفي إثناء فترة التصليح هاجمت العشائر القوات الإنكليزية ، فعمد الإنكليز إلى إحراق بعض القرى ، التي تقع بالقرب من قضبان سكة الحديد .
وعند الصباح سار القطار ببطء ، حيث كان قسم من الجيش يضع قضبان الحديد على الأرض لتسيير القطار، إذ أن القضبان الحديدية كانت محملة معهم بالقطار احتياطاً لهذه الأمور، أما القسم الآخر من الجيش فأخذ بالدفاع ، ولم يقطع القطار مسافة تذكر طيلة ذلك اليوم سوى مسافة قليلة جداً.


وقد استعمل الانكليز في هذه المعركة مختلف أنواع الاسلحة من مدافع وطائرات إضافة إلى أنهم قد عززوا جيشهم بالقوة التي كانت مرابطة على الحدود الإيرانية وجلبوها إلى الحلة لإنقاذ ومساعدة الجيش المحاصر ، وعندما ورد الخبر للثوار قاموا بنصب كمينا له في الليل عند نهر قديم يسمى (ابو حسان) موازياً للسكة الحديدية ، ورتبت مفارز  في القسم الغربي للنهر لمراقبة الجيش عند قدومه من الحلة ، وعند الفجر إقترب الجيش من الثوار الذين خرجوا وتقابلوا معه من كل جانب ، فكانت معركة حامية إستعمل الإنكليز فيها مختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة وأخذت الطائرات تقصف مواقع الثوار، واستمرت المعركة من الفجر حتى الظهر وعند ذلك اندفع الجيش إلى قصبة المدحتية فاحرقها وأحرق ضريح سيدنا الحمزة (عليه السلام) ، وكان اندفاع الجيش إلى هناك يهدف إلى قطع التموين عن الثوار، ونتيجة لضربات الثوار خرج الجيش منكسراً .
  
وقد تجمعت أعداد كبيرة من الثوار، وواصلت مهاجمة القطار الذي وصل الى الجربوعية (الهاشمية حالياً) وبقي محاصراً هناك عشرة أيام ، وحدثت معركة عنيفة ذهب ضحيتها عدد كبير من الثوار .
 وبعد وصول القطار إلى الحلة انتهت صفحة معركة القطار التي استمرت أحد عشر يوماً  سجل فيها الثوار أروع معاني البطولة والشهادة ، ولقن فيها المحتلين درساً لن ينسوه على مر الزمان .

ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻭﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺭﺍﺋﻌﺔ
ﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻚ
ﻭﺟﺰﺍﻙ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﺍﻻﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ
ﺩﻣﺖ ﺑﺤﻔﻆ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻪ