قطار السعاده’

أحبتي في الله:
يقول البعض أن الحياة تشبه القطار فهو يقف في كل محطة فينزل كل راكب في محطته ولكن هناك تشبيه آخر هو في اعتقادي أكثر دقة وأكثر قربا للحقيقة

ماذا لو شبهنا الحياة بقطارين كل منهما يوصل إلى مكان مختلف
فالقطار الأول :هو قطار تتوفر فيه كل سبل الراحة والرفاهية, سرعته فائقة, مليء بالركاب وكل منهم مشغول بما توفر لديه من وسائل الترفيه والتسلية فهم يظنون أنهم سعداء ولكنهم في الواقع ليسوا كذلك. فإذا نظر أحدهم من النافذة التي بجوار مقعده يلاحظ أن الدنيا حوله تزداد سواد وظلمة فيزداد ضيقا ولكنه يقنع نفسه بأن الليل قد اقبل ويعود إلى ما كان فيه من المتعة والترفيه ولم يعلم المسكين ما الذي ينتظره هو وزملاءه في نهاية تلك الرحلة ولكنهم مع مرور الوقت يزيد ضيق صدورهم وضجرهم وهم أيضا لا يدرون ما السبب.

أما القطار الثاني :فهو قطار قديم بالي ليس فيه أي نوع من الترفيه أو حتى الراحة يمشي بسرعة السلحفاة عدد الركاب فيه قليل جدا يخيم عليهم السكون وتبدو هذه الرحلة للرائي مملة جدا وكئيبة ولكن عندما ينظر أحدهم من النافذة التي بجوار مقعده فيجد الدنيا حوله تزداد نورا وإشراقا يتهلل وجهه ويعود إلى سكونه واطمئنانه ذلك لأنه يعلم هو وزملاؤه ما الذي ينتظرهم في نهاية تلك الرحلة فنجدهم كلما مر الوقت تزيد قوتهم وإصرارهم على مواصلتها وصبرهم عليها رغم كل ما فيها من عناء.

فركاب القطار الأول اهتموا بالوسيلة التي ستوصلهم ولم يهتموا بالمكان الذي سيقيمون فيه وركاب القطار الثاني كانت نظرتهم ابعد وأصوب حيث اهتموا بالمكان الذي سيقيمون فيه ولم يهتموا كيف سيصلون إلى هذا المكان أو لم يحملوا هم الرحلة لأنها وان طالت فلن تطول عن المدة التي سيقيمونها في مكان الوصول لأن العبرة بالنهاية.

أحبتي في الله لا يغرنكم كثرة الهالكين ولا قلة السالكين وقبل أن تركبوا القطار حددوا المكان الذي تريدون الوصول إليه فمن الغباء أن يطلب الإنسان الجنة ويسلك طريق النار لأنه في هذه الحالة لن يصل إلى هدفه مطلقا و سيتمنى أن يعود ليأخذ طريق الجنة من جديد ولكن سيكون ذلك بعد فوات الأوان.

ونسأل الله أن نكون ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يرزقنا سعادة الدارين وأن نكون جميعا من أصحاب الجنة (إن أصحاب الجنة هم الفائزون).
منقول