قــوم تبـــع

ورد ذكر قوم تبع في القران الكريم مرتين ، الأولى في الآية 37 من سورة الدخان

قال تعالى: (أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين) ، والثانية في الآية 14 من سورة ق حيث قال تعالى (وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد) ، وقد ذم الله قومه ولم يذمه ! فمن هو تبع ؟

إنّ تبعاً كان لقباً عاماً لملوك اليمن، ككسرى لسلاطين إيران، وخاقان لملوك الترك، وفرعون لملوك مصر، وقيصر لسلاطين الروم ، وكانت كلمة (تبع) تطلق على ملوك اليمن لأنّهم كانوا يدعون الناس إلى إتباعهم ، أو لأنّ أحدهم كان يتبع الآخر في الحكم ، لكن يبدو أنّ القرآن الكريم يتحدث عن أحد ملوك اليمن على وجه التحديد ـ كما أنّ فرعون المعاصر لموسى(عليه السلام) ، والذي يتحدث عنه القرآن كان معيناً ومحدداً ـ وورد في بعض الرّوايات أنّ اسمه أسعد أبا كرب.

وقد جاء في (تفسير الامثل) عن اعتقاد بعض المفسّرين أنّه كان رجلاً مؤمناً ، واعتبروا تعبير (قوم تبّع) الذي ورد في آيتين من القرآن دليلاً على ذلك، حيث أنّه لم يُذَمّ في هاتين الآيتين، بل ذُم قومه، والرّواية المروية عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) شاهدة على ذلك، ففي هذه الرواية أنّه قال: ( لا تسبّوا تبّعاً فإنّه كان قد أسلم) ، وورد في رواية أُخرى: إنّ تبعاً لما قدم المدينة ـ من أحد أسفاره ـ ونزل بفنائها ، بعث إلى أحبار اليهود الذين كانوا يسكنونها فقال: إنّي مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية، ويرجع الأمر إلى دين العرب ، فقال له شامول اليهودي ـ وهو يومئذ أعلمهم ـ أيها الملك إنّ هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل، مولده بمكّة اسمه أحمد ، ثمّ ذكروا له بعض شمائل نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال تبّع ـ وكأنّه كان عالماً بالأمر ـ: ما إلى هذا البلد من سبيل، وما كان ليكون خرابها على يدي ، بل ورد في رواية في ذيل تلك القصة أنّه قال لمن كان معه من الأوس والخزرج : أقيموا بهذا البلد، فإنّ خرج النّبي الموعود فآزروه وانصروه ، وأوصوا بذلك أولادكم، حتى أنّه كتب رسالة أودعهم إياها ذكر فيها إيمانه بالرّسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم).

ويروى أنّ تبّعاً كان أحد ملوك اليمن الذين فتحوا العالم، فقد سار بجيشه إلى الهند واستولى على بلدان تلك المنطقة وقاد جيشاً إلى مكّة، وكان يريد هدم الكعبة ، فأصابه مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه ، وكان من بين حاشيته جمع من العلماء، كان رئيسهم حكيماً يدعى شامول ، فقال له: إنّ مرضك بسبب سوء نيتك في شأن الكعبة، وستشفى إذا صرفت ذهنك عن هذه الفكرة واستغفرت، فرجع تبع عما أراد ونذر أن يحترم الكعبة ، فلما تحسن حاله كسا الكعبة ببرد يماني ، وكان تحرك الجيش هذا، ومسألة كسوة الكعبة في القرن الخامس الميلادي ، ويوجد اليوم في مكّة مكان يسمى دار التبابعة . وقيل أن تبع الحميري سار بالجيوش إلى الحيرة حتى حيرها، ثم أتى سمرقند فهدمها ، وقد ورد في تفسير نور الثقلين عن أبى عبد الله عليه السلام قوله : إن تبعا قال للاوس والخزرج : كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي صلى الله عليه واله أما أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه .

وفي تفسير الميزان ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله : لم يمت تبع حتى صدق بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان يهود يثرب يخبرونه ، فيما ورد في (التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي) انه وجدت كتابة على قبرين بناحية حمير تقول (هذا قبر رضوي وقبر جي ابني تبع لا يشركان بالله شيئا) ، وقد جاء في (تفسير غريب القرآن) إنه كان نبيا مرسلا إلى نفسه لما تمكن من ملك الأرض ، والدليل على ذلك إن الله تعالى ذكره عند ذكر الأنبياء ، ولم يعلم إنه أرسل إلى قوم تبع رسول غير تبع وهو الذي نهى النبي صلى الله عليه وآله عن سبه لأنه آمن به قبل ظهوره بسبعمائة عام ، وليس ذلك إلا بوحي من الله عز وجل .

اشكرك على موضوعاتك الجميلة
ربي ما يحرمنا من تواجدك ولا من موضوعاتك الجميلة
خالص التحايا لك

جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك

بارك الله فيك

وجزاك الله كل خير